فيديو غوارديولا ودعم غزة.. بين الحقيقة والتزييف بالذكاء الاصطناعي

انتشار واسع لفيديو مثير للجدل

في الأيام الأخيرة، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو منسوب للمدرب الإسباني الشهير بيب غوارديولا، المدير الفني لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي، يدعو فيه علنًا إلى دعم الشعب الفلسطيني في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
الفيديو، الذي تداولته حسابات بارزة على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، وأعادت نشره بعض وسائل الإعلام الإسبانية مثل صحيفة “ماركا”، أظهر غوارديولا وهو يتحدث عن “الإبادة الجماعية” في غزة، مطالبًا بتنظيم مظاهرات حاشدة في إقليم كتالونيا للتضامن مع الفلسطينيين.

ماذا قال غوارديولا في الفيديو؟

وفقًا لما ورد في المقطع المنتشر، تحدّث المدرب الإسباني بلهجة حادة، مؤكدًا:

“نحن نشهد على إبادة حية، حيث مات الآلاف من الأطفال بالفعل، وآخرون يموتون وسيموتون في قطاع غزة.”

وأضاف غوارديولا، بحسب الفيديو:

“قطاع غزة مدمر الآن، والناس يسيرون بلا طعام ولا مياه ولا أدوية، وهناك حاجة ملحّة لتدخل عالمي لوقف هذه المأساة الإنسانية.”

كما أشار الفيديو إلى أن تظاهرة مقررة ستنطلق في غاردينيتس ظهر السبت بتوقيت إسبانيا، للمطالبة بإنهاء “الإبادة”.

هل الفيديو حقيقي بالفعل؟

غياب على القنوات الرسمية

رغم الانتشار الكبير للمقطع، فإن اللافت للنظر أن بيب غوارديولا لم ينشر الفيديو على أي من حساباته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي. هذا الغياب زاد من الشكوك حول مصداقية المقطع، خصوصًا أن المدرب الإسباني معروف بصرامته في التعامل مع وسائل الإعلام وحساسيته تجاه تصريحاته العلنية.

تقارير عن استخدام الذكاء الاصطناعي

برنامج غروك التابع لمنصة “إكس” أكد أن الفيديو يحمل علامات واضحة على كونه مُصممًا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وأوضح أن تفاصيل الصوت وحركات الشفاه تحمل خصائص غير طبيعية، وهو ما يعزز فرضية أن الفيديو مزيف.

حتى صحيفة ماركا“، التي أعادت نشر الفيديو، تعرضت لانتقادات بدعوى اعتمادها على مقطع غير موثوق، مما يطرح تساؤلات حول مسؤولية وسائل الإعلام في التحقق من المحتوى قبل نشره.

غوارديولا ومواقفه السياسية السابقة

دعم سابق للقضايا الإنسانية

ليس سرًا أن بيب غوارديولا لطالما عبّر عن دعمه لقضايا إنسانية، خصوصًا المتعلقة بإقليم كتالونيا وحقه في تقرير المصير. لكن لم يعرف عنه الخوض بشكل مباشر في قضايا الشرق الأوسط.
ومع ذلك، لا يستبعد بعض المراقبين أن يتعاطف المدرب الإسباني مع الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل حجم المأساة الإنسانية في غزة.

صمت يثير التساؤلات

غياب أي تصريح رسمي من غوارديولا حتى الآن يجعل الموقف أكثر غموضًا. فلو كان الفيديو صحيحًا، لكان من المتوقع أن يواجه المدرب ضغوطًا إعلامية وسياسية كبيرة، سواء من ناديه مانشستر سيتي أو من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم.

الذكاء الاصطناعي ونشر الأخبار المزيفة

ظاهرة متنامية

أعاد فيديو غوارديولا الجدل حول خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي في تزييف الفيديوهات (Deepfake). فهذه التكنولوجيا باتت قادرة على إنتاج مقاطع واقعية يصعب تمييزها عن الحقيقة، ما يفتح الباب أمام حملات تضليل واسعة النطاق.

خطورة على الرأي العام

في حالة فيديو غوارديولا، أدى انتشار المقطع إلى جدل عالمي:

  • مؤيدون صدقوا الفيديو ورأوا فيه موقفًا شجاعًا من شخصية رياضية مشهورة.
  • مشككون اعتبروا أن الأمر مجرد خدعة إعلامية هدفها إثارة البلبلة.

وبغض النظر عن صحة المقطع، فإن تأثيره على النقاش العام كان كبيرًا، وهو ما يعكس قوة الأخبار المزيفة في تشكيل الرأي العام.

وسائل الإعلام بين المهنية والسبق الصحفي

تُظهر هذه الحادثة أزمة الإعلام المعاصر، حيث تتسابق بعض الصحف والمواقع لنشر الأخبار المثيرة دون التحقق الكافي. إعادة نشر “ماركا” للفيديو، رغم غياب مصدر موثوق، مثال حي على المخاطر التي تواجه الإعلام التقليدي أمام سرعة تداول الأخبار عبر الإنترنت.

بين الحقيقة والتزييف

يبقى السؤال مفتوحًا: هل خرج غوارديولا بالفعل في فيديو يطالب بدعم غزة؟ أم أن الأمر مجرد فيديو مفبرك بالذكاء الاصطناعي استُغل لتحقيق انتشار واسع؟
حتى الآن، المؤشرات تميل إلى أن الفيديو غير حقيقي، لكن غياب تصريح مباشر من المدرب يزيد من مساحة الشك.

ما هو مؤكد أن هذه الواقعة تسلط الضوء على التحديات الخطيرة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على الإعلام والرأي العام، وتطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل الحقيقة في عصر التقنية الرقمية.

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. قبول اقرأ المزيد