أصبحت منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة ساحة مليئة بالجدل والصراعات، وكان آخرها الأزمة التي تعرضت لها البلوجر هدير عبد الرازق، بعد تداول مقطع فيديو منسوب إليها قيل إنه يحمل محتوى غير لائق، الأمر الذي دفعها للتحرك قانونيًا بشكل عاجل.
تفاصيل البلاغ
وكيل هدير عبد الرازق تقدّم ببلاغ رسمي إلى النائب العام ضد عدد من الحسابات التي قامت بنشر الفيديو المفبرك، محذرًا من خطورة مثل هذه الأفعال على سمعة الأفراد وأسرهم. وحمل البلاغ رقم 1316230 عرائض النائب العام، حيث تم قيده رسميًا وإحالته إلى النيابة الاقتصادية التي بدأت في إجراءات التحقيق والفحص.
وتضمّن البلاغ عدة اتهامات قانونية، أبرزها:
- اصطناع مقاطع فيديو مزيفة باستخدام برامج تقنية متطورة.
- التشهير والطعن في الأعراض عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل.
- تعمد الإزعاج والإساءة للمتضررة باستخدام أدوات إلكترونية.
- الاعتداء على البيانات الشخصية وربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، بما يشكل جريمة إلكترونية متكاملة الأركان.
موقف الأسرة ورد والدها
من جانبه، خرج والد هدير عبد الرازق، المحامي محمد عبد الرازق، بتصريحات حاسمة أكد فيها رفض الأسرة الكامل لما وصفه بـ “محاولة اغتيال معنوي” لابنته. وقال:
“منعرفش مين سرب الفيديو ولا جه منين.. بس أي حد هينشره أو يعيد تداوله هنقاضيه، ومش هنسكت عن حقنا”.
وأضاف أن الأسرة تعيش حالة من الاستياء بسبب ما يتم تداوله، مؤكدًا أن الخطوة القانونية الحالية ليست سوى بداية، وأنه لن يتهاون في التصدي لأي محاولة للنيل من سمعة ابنته.
خلفية الأزمة السابقة
تجدر الإشارة إلى أن اسم هدير عبد الرازق ارتبط بالجدل منذ أسابيع قليلة، حينما نشرت مقطع فيديو تحدثت فيه عن تعرضها لاعتداء من قبل طليقها، وهو ما أثار تعاطفًا واسعًا، لكنه في الوقت نفسه فتح الباب أمام تعرضها لهجوم وانتقادات من بعض رواد السوشيال ميديا.
ويبدو أن هذا الجدل لم ينتهِ بعد، إذ جاءت أزمة الفيديو الأخير لتعيد القضية إلى الواجهة، خاصة وأن البعض اعتبر أن ما يحدث هو محاولة متعمدة لاستغلال شهرتها وتشويه صورتها أمام الرأي العام.
الأبعاد القانونية للأزمة
قانونيون أكدوا أن مثل هذه الوقائع تقع تحت طائلة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والذي يعاقب بالحبس والغرامة على نشر أو ترويج محتويات مفبركة أو خادشة للحياء، خاصة إذا تضمنت تعديًا على الخصوصية أو سمعة الأفراد.
كما أن النيابة الاقتصادية أصبحت الجهة المختصة بالتحقيق في مثل هذه القضايا نظرًا لطبيعتها الرقمية، ما يعني أن ناشري الفيديو قد يواجهون عقوبات مشددة حال ثبوت تورطهم، تصل إلى السجن لسنوات مع غرامات مالية كبيرة.
الأبعاد الاجتماعية والنفسية
من الناحية الاجتماعية، يرى خبراء أن هذه الحوادث تكشف الوجه المظلم لاستخدام السوشيال ميديا، حيث يمكن لفيديو مفبرك لا تتجاوز مدته ثوانٍ أن يدمّر سمعة شخص أو أسرة كاملة. وتؤكد دراسات حديثة أن التشهير الإلكتروني من أخطر أشكال العنف النفسي، لأنه يظل عالقًا على الإنترنت لفترات طويلة، ويؤثر على حياة الضحية المهنية والاجتماعية.
كما أن هذه الأزمات لا تنعكس فقط على أصحابها المباشرين، بل تمتد إلى أسرهم، ما يضاعف الأضرار النفسية والمعنوية، ويجعلهم عرضة للتنمر والإحراج المجتمعي.
اقرأ أيضاً: الداخلية تكشف كواليس القبض على راقصة بسبب مقاطع خادشة للحياء على السوشيال ميديا
دور الدولة في مواجهة الظاهرة
وزارة الداخلية من جانبها كثّفت في السنوات الأخيرة جهودها للتصدي لجرائم الإنترنت، عبر وحدات متخصصة في مباحث الإنترنت وحماية الآداب. وتأتي هذه الجهود في إطار الحفاظ على القيم المجتمعية وحماية المواطنين من الابتزاز والتشهير.
وتشير الإحصائيات إلى زيادة ملحوظة في عدد القضايا المرتبطة بالجرائم الإلكترونية في مصر خلال الأعوام الماضية، ما جعل الحاجة ملحة إلى حملات توعية وتشريعات أكثر صرامة للحد من هذه الظاهرة.
الرأي العام منقسم
ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه أزمة هدير عبد الرازق الأخيرة جاءت متباينة؛ فبينما طالب البعض بضرورة محاسبة المتورطين في نشر الفيديو المفبرك، شكك آخرون في صحة الواقعة من الأساس، معتبرين أنها قد تكون محاولة لكسب التعاطف أو لفت الأنظار.
لكن في المقابل، يرى قطاع كبير من المتابعين أن التشهير عبر الإنترنت لم يعد يُستخدم فقط كأداة للإيذاء الشخصي، بل أصبح “سلاحًا رقميًا” يستغله البعض لتصفية حسابات أو تحقيق مكاسب غير مشروعة.
الخلاصة
قضية البلوجر هدير عبد الرازق تمثل نموذجًا واضحًا للتحديات التي يفرضها العالم الرقمي، حيث باتت السمعة الشخصية عرضة للتشويه بضغطة زر، وأصبح القانون مطالبًا بملاحقة هذه الجرائم بنفس سرعة انتشارها.
وبينما تواصل النيابة الاقتصادية التحقيق في البلاغ، يبقى السؤال الأبرز: هل تنجح هدير وأسرتها في استعادة حقها وردع المتورطين، أم ستظل مثل هذه القضايا تتكرر لتفتح جرحًا جديدًا في معركة المجتمع مع الجرائم الإلكترونية؟