الكويت تواجه أخطر قضايا تصنيع الكحول الملوث
في ضربة أمنية حاسمة، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية عن تفكيك شبكة إجرامية واسعة تورطت في تصنيع وترويج مواد كحولية ملوثة تحتوي على مادة الميثانول السامة. هذه الشبكة التي هددت حياة المواطنين والمقيمين، أسفرت أنشطتها عن كارثة إنسانية تمثلت في تسجيل 13 حالة وفاة مؤكدة و21 إصابة خطيرة بفقدان البصر أو تأثر الرؤية، إضافة إلى عشرات حالات التسمم التي نقلت إلى المستشفيات.
العملية الأمنية الكبرى جاءت بتوجيهات مباشرة من الشيخ فهد اليوسف الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط 67 متهماً من جنسيات مختلفة، تورطوا في تصنيع وتوزيع المشروبات الكحولية الملوثة.
تفاصيل المداهمات الأمنية
كشفت وزارة الداخلية الكويتية في بيان رسمي أن الحملة أسفرت عن ضبط 10 مصانع سرية، من بينها 6 مصانع قائمة بالفعل و4 أخرى قيد التشغيل داخل مناطق سكنية وصناعية. هذه المصانع كانت مجهزة بشكل بدائي وغير آمن، ما جعل منتجاتها تشكل خطراً قاتلاً على الصحة العامة.
كما تمكنت السلطات من إلقاء القبض على 34 شخصاً مطلوبين على ذمة قضايا أخرى خلال نفس الحملات، مما يوضح حجم التداخل بين الجريمة المنظمة والأنشطة غير المشروعة التي تهدد أمن المجتمع.
مادة الميثانول القاتلة
بحسب وزارة الصحة الكويتية، تم استقبال 63 حالة تسمم كحولي منذ بداية الأزمة، معظمها نتيجة تعاطي مشروبات مغشوشة تحتوي على مادة الميثانول. هذه المادة الكيميائية، التي تستخدم عادة في الصناعات كوقود أو مذيب، تُعد سامة جداً إذا تم استهلاكها من قبل البشر.
ويحذر الأطباء من أن تناول كميات صغيرة نسبياً من الميثانول قد يؤدي إلى فقدان البصر أو الوفاة السريعة، إذ يتسبب في تدمير الجهاز العصبي والكبد والكليتين. وتزداد خطورة الأمر عندما يتم خلط الميثانول بشكل عشوائي داخل مشروبات كحولية يتم ترويجها على أنها “صالحة للاستهلاك”.
اقرأ أيضاً: السعودية تفتح أبواب الاستثمار العقاري للأجانب غير المقيمين عبر الهوية الرقمية
اعترافات المتهمين ودور الجنسيات المختلفة
كشفت التحريات أن أحد المتهمين، ويدعى بهوبان لال تامانج (نيبالي الجنسية)، تم ضبطه في منطقة السالمية وبحوزته كميات من مادة الميثانول. وقد اعترف المتهم خلال التحقيقات بكيفية تجهيز هذه المواد الخطرة وطرق بيعها.
كما تم القبض على متهمين آخرين هما فيشال دهانيال شوهان (هندي الجنسية) وناريان براساد باشيال (نيبالي الجنسية)، واللذان لعبا دوراً رئيسياً في عمليات التجهيز والتوزيع. أما الرأس المدبر للشبكة، فقد تبين أنه شخص يدعى دلورا باركاش دراجي (بنغالي الجنسية)، وهو المسؤول الأول عن تنظيم عمليات التصنيع والتوزيع على نطاق واسع.
الموقف الرسمي لوزارة الداخلية
شددت وزارة الداخلية الكويتية على أنها لن تتهاون مع أي محاولة تهدد أمن البلاد أو حياة الأفراد، مؤكدة استمرارها في ملاحقة جميع من يتورط في ترويج أو تصنيع مواد مسكرة أو مخدرة أو أي مواد تشكل خطراً على الصحة العامة.
كما دعت المواطنين والمقيمين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة، مشيرة إلى أن هذه الشبكة الإجرامية كانت مثالاً صارخاً على خطورة التلاعب بسلامة المجتمع من أجل مكاسب مالية غير مشروعة.
التداعيات الصحية والاجتماعية
تسببت قضية “الخمور الفاسدة” في حالة من القلق والجدل داخل المجتمع الكويتي، ليس فقط بسبب عدد الوفيات الكبير، بل أيضاً بسبب الحالات المأساوية لمن فقدوا بصرهم جراء تناول هذه المواد. وقد أطلقت وزارة الصحة تحذيرات متكررة بشأن مخاطر المشروبات المجهولة المصدر، مؤكدة أن مواجهة هذه الظاهرة تحتاج إلى وعي مجتمعي إلى جانب الجهود الأمنية.
الكويت أمام تحديات مكافحة الجريمة المنظمة
تأتي هذه الواقعة لتسلط الضوء على التحديات التي تواجهها الكويت في مجال مكافحة الجريمة المنظمة، خاصة تلك المرتبطة بترويج المواد الخطرة داخل الأحياء السكنية. كما تؤكد أهمية تعزيز التشريعات وتكثيف الرقابة لمنع عودة مثل هذه الشبكات الإجرامية التي تستغل الحاجة المالية لبعض الأفراد.
القضية لم تكن مجرد ضبطية أمنية عابرة، بل ناقوس خطر حول مخاطر تصنيع وترويج مواد مسكرة ملوثة بحجم يمكن أن يفتك بعشرات الأرواح. ورغم نجاح وزارة الداخلية في تفكيك هذه الشبكة والقبض على 67 متهماً، إلا أن الحادثة تذكير واضح بضرورة اليقظة المجتمعية والتعاون بين الأجهزة الأمنية والصحية لحماية الأرواح والحفاظ على أمن الكويت.