بعد 18 عامًا من الصمت: تقنية عصبية تعيد القدرة على الكلام لسيدة كندية

0 12

استعادت السيدة الكندية آن جونسون، البالغة من العمر 48 عامًا، قدرتها على الكلام بعد 18 عامًا من فقدان النطق الناتج عن جلطة في جذع الدماغ، بفضل واجهة عصبية متقدمة بين الدماغ والحاسوب. وتعتبر هذه التقنية من أهم الابتكارات الحديثة في مجال الهندسة العصبية والذكاء الاصطناعي، حيث تمنح المرضى الذين يعانون من الشلل الشديد إمكانية استعادة القدرة على التواصل.


كيف عملت الواجهة العصبية لاستعادة النطق؟

تم تطوير الواجهة العصبية بواسطة فريق من علماء جامعتي كاليفورنيا في بيركلي وسان فرانسيسكو، ضمن مشروع تجريبي يهدف إلى إعادة تمكين المرضى من التحدث بعد إصابات دماغية شديدة.

تعتمد التقنية على مجموعة من الأقطاب الكهربائية الدقيقة المثبتة فوق منطقة الدماغ المسؤولة عن النطق. تقوم هذه الأقطاب بقراءة الإشارات العصبية الصادرة عند محاولة التحدث، ثم يستخدم نظام ذكاء اصطناعي متطور لتحويل هذه الإشارات إلى نصوص مكتوبة، أو صوت اصطناعي، أو صور رمزية متحركة (أفاتار).

وأوضح الباحثون أن الهدف الأساسي لم يكن قراءة الأفكار، بل تمكين المريض من التحكم في ما يريد قوله ومتى يريد التعبير عنه، بما يحافظ على استقلاليته وكرامته. وقالت جوبالا أنومانشيپالي، الأستاذة المساعدة في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب بجامعة كاليفورنيا في بيركلي:
“لم نرغب في قراءة أفكارها، بل أردنا أن نمنحها فرصة لتقرر بنفسها ماذا تقول ومتى تقول ذلك.”

اقرأ أيضاً: تطبيق MAX الروسي يرفع مستوى الأمان: ميزات جديدة تحميك من الاحتيال الرقمي


تحسين الصوت وإضفاء الطابع الشخصي

لضمان أن يكون الصوت طبيعيًا قدر الإمكان، استخدم العلماء تسجيلًا قديمًا لخطاب زفاف آن جونسون عام 2004 كمرجع لإعادة تشكيل الصوت الاصطناعي. وبهذه الطريقة، استطاعت التقنية أن تُحاكي النبرة والصوت الطبيعي للمريض، مما يجعل التواصل أكثر سلاسة وقربًا من الواقع.

في البداية، كانت هناك مشكلة كبيرة تتمثل في تأخير يصل إلى 8 ثوانٍ بين نية التحدث وبث الصوت. ولكن مع التحديثات الأخيرة في عام 2025، تم الانتقال إلى نظام بث مباشر (ستريمينغ) يسمح بتحويل الإشارات العصبية إلى صوت شبه فوري مع تأخير لا يتجاوز ثانية واحدة. هذا التقدم يمثل خطوة هامة نحو استخدام هذه التقنية في الحياة اليومية والعيادات الطبية.


المشاركات ذات الصلة
1 من 3

مستقبل الواجهات العصبية

يخطط فريق البحث لتوسيع استخدام التقنية عبر غرسات لاسلكية تسهل على المرضى استخدامها دون الحاجة إلى أسلاك معقدة. كما يعمل الباحثون على تطوير صور رمزية ثلاثية الأبعاد فائقة الواقعية يمكن للمريض التحكم فيها أثناء التحدث، لتوفير تجربة تواصل غنية وشخصية.

علاوة على ذلك، يهدف الفريق إلى تقديم النظام بشكل Plug-and-Play، أي سهولة التركيب والاستخدام الفوري في العيادات والمستشفيات، مما يجعل التقنية أكثر وصولًا للمرضى الذين يعانون من شلل شديد أو فقدان القدرة على الكلام.


الأثر الإنساني والتكنولوجي

هذه التقنية ليست مجرد تقدم علمي، بل تمثل قفزة نوعية في تحسين جودة الحياة للأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام نتيجة إصابات دماغية. فاستعادة النطق تعني القدرة على التواصل مع العائلة، والأصدقاء، والمجتمع، وهو ما يعيد لهم شعورهم بالاستقلالية والكرامة.

كما تفتح هذه التقنية آفاقًا جديدة في البحوث الطبية والتطبيقات العصبية، وتساهم في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على التعامل مع الإشارات العصبية المعقدة وتحويلها إلى وسائط تواصل فعالة.

تقنية الواجهة العصبية بين الدماغ والحاسوب التي أعادت القدرة على الكلام لـآن جونسون تمثل إنجازًا علميًا وإنسانيًا كبيرًا. من خلال الجمع بين الأقطاب الكهربائية الدقيقة والذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكان المرضى الذين يعانون من الشلل أو فقدان النطق استعادة حياتهم الاجتماعية والشخصية، مع إمكانية استخدام التقنية بشكل آمن وفعال في المستقبل القريب.

هذا الابتكار يعكس التقدم الهائل في مجال الهندسة العصبية والذكاء الاصطناعي، ويعد نموذجًا على كيفية دمج التكنولوجيا الحديثة مع الاحتياجات الإنسانية لتحقيق تغيير حقيقي في حياة المرضى.

تعليقات
Loading...