السعودية تفتح أبواب الاستثمار العقاري للأجانب غير المقيمين عبر الهوية الرقمية
في خطوة استراتيجية لتعزيز قطاع الاستثمار العقاري وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، أعلن مجلس الوزراء السعودي عن موافقته على قرار جديد يتيح للأجانب غير المقيمين تملك العقارات داخل المملكة باستخدام الهوية الرقمية. ويأتي هذا القرار ضمن جهود المملكة لتسهيل الاستثمار وتعزيز الشفافية في سوق العقارات، بما يتوافق مع رؤية السعودية 2030 لتطوير الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.
تفاصيل القرار وآلية تطبيقه
أكدت صحيفة “أم القرى“ الرسمية أن القرار يسمح لغير السعوديين غير المقيمين بامتلاك العقارات في المملكة من خلال استخدام الهوية الرقمية، ما يسهل الإجراءات القانونية والإدارية ويختصر الوقت والجهد. وتتمثل الفكرة في أن الهوية الرقمية ستصبح وسيلة رسمية للتحقق من هوية المستثمرين الأجانب، وربط معاملاتهم العقارية بالسجلات الحكومية بشكل آمن وموثوق.

ووفقًا للصحيفة، ستقوم الهيئة العامة للعقار بالتنسيق مع وزارة الداخلية، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، ومركز المعلومات الوطني، بالإضافة إلى الجهات ذات العلاقة التي تراها الهيئة، لوضع الآليات التنفيذية اللازمة لتفعيل استخدام الهوية الرقمية. وتهدف هذه الآليات إلى أن يكون العمل بها جاهزًا قبل نفاذ مشروع نظام تملك غير السعوديين للعقار، لضمان انسيابية الإجراءات وتسهيل الاستثمارات.
هيكل الهيئة العامة للعقار الجديد
كما شمل القرار تعديلًا تنظيميًا مهمًا للهيئة العامة للعقار، لضمان إشراف فعال ومتكامل على القطاع العقاري. وينص التعديل على أن الهيئة سيكون لها مجلس إدارة يرأسه الوزير، ويضم عضوية كل من:
- الرئيس التنفيذي للهيئة.
- ممثلين عن وزارات: الداخلية، البلديات والإسكان، المالية، العدل، الاقتصاد والتخطيط، الاستثمار، البيئة والمياه والزراعة، الصناعة والثروة المعدنية.
- ممثلين عن الجهات العامة ذات العلاقة: الهيئة العامة لعقارات الدولة، الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية.
- ثلاثة ممثلين من القطاع الخاص ذوي الخبرة في نشاط الهيئة، يتم تعيينهم بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير.
وتحدد مدة العضوية بـ 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ما يتيح تواصلاً واستقراراً في إدارة القطاع العقاري على المدى الطويل.
أهمية القرار للسوق العقاري السعودي
يعتبر القرار خطوة نوعية لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، وهو ما يمكن أن ينعكس إيجابياً على الأسواق العقارية المحلية، خاصة في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام. فتسهيل تملك العقارات للأجانب من خلال الهوية الرقمية يقلل من الروتين الإداري، ويزيد من شفافية العمليات العقارية، ويعزز الثقة في السوق.
كما أنه يشجع على تنمية المدن الجديدة والمناطق الاقتصادية الخاصة، ويخلق فرصًا كبيرة لشركات التطوير العقاري والمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
الهوية الرقمية ودورها في تعزيز الاستثمار
تعد الهوية الرقمية واحدة من الأدوات الرئيسية التي تعتمد عليها المملكة لتعزيز الرقمنة وتسهيل الإجراءات الحكومية، إذ توفر:
- وسيلة رسمية وآمنة للتحقق من هوية المستثمرين.
- سرعة في إنجاز المعاملات العقارية عبر الإنترنت.
- تقليل التلاعب أو الاحتيال في سوق العقارات.
- ربط جميع البيانات العقارية بالسجلات الحكومية المركزية، بما يضمن الشفافية والمصداقية.
ويؤكد الخبراء أن ربط الهوية الرقمية بالمعاملات العقارية سيشكل نموذجًا يحتذى به في المنطقة، ويعزز مكانة المملكة كمركز استثماري رائد في الشرق الأوسط.
ردود الفعل والتوقعات المستقبلية
أبدى عدد من الخبراء الاقتصاديين تفاؤلهم بأن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام استثمارات أجنبية ضخمة في القطاع العقاري، ما يساهم في تعزيز الناتج المحلي وتوفير فرص عمل جديدة. كما يمكن أن يؤدي القرار إلى ارتفاع الطلب على العقارات الفاخرة والمشروعات السكنية والتجارية، ويحفز شركات التطوير على ابتكار مشاريع جديدة تلبي احتياجات المستثمرين الأجانب.
ومن المتوقع أن تشهد المملكة زيادة في تدفق رؤوس الأموال الأجنبية على المدى القصير والمتوسط، خاصة مع تزايد الاهتمام بالاستثمار العقاري كمصدر آمن للعوائد، مقارنة بالأصول التقليدية الأخرى.
خاتمة: خطوة متقدمة نحو اقتصاد رقمي وعالمي
يمثل قرار السماح للأجانب غير المقيمين بتملك العقارات باستخدام الهوية الرقمية نقلة نوعية في سوق الاستثمار العقاري السعودي. فهو يجمع بين تسهيل الإجراءات، تعزيز الشفافية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، ويتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030 في تحويل المملكة إلى مركز مالي وتجاري عالمي.
مع هذا التطور، تؤكد المملكة على التزامها بتحديث القوانين والأنظمة بما يتماشى مع المعايير الدولية، وتقديم بيئة استثمارية جاذبة وآمنة لكل من المستثمرين المحليين والأجانب.