الدكتور علي جمعة يوضح معنى التوكل الصحيح على الله وآثاره

0 2

نشر الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، توضيحًا مهمًا حول معنى التوكل على الله، وكيف يكون التوكل الصحيح الذي أمر به الله ورسوله ﷺ، بعيدًا عن الادعاء أو المظاهر الخادعة.

التوكل عبادة قلبية لا يظهر ادعاؤها

أوضح جمعة أن التوكل على الله من أعظم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، وهو أمر إلهي جاء في القرآن الكريم وأكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته. وهو ليس مجرد كلمات تُقال أو شعارات تُرفع، بل هو عمل قلبي خفي، لا يراه الناس ولا يمكن التظاهر به، وإنما تظهر نتائجه على حياة المسلم وسلوكه.

وبيّن أن من آثار التوكل الصادق:

  • ترك طلب الرزق بطرق محرمة.
  • الابتعاد عن النفاق والتملق للناس.
  • الاعتماد على الله في الرزق والمعاش، دون اللجوء للتحايل أو الخداع.

وأكد أن المسلم المتوكل حقًا يدرك أن الأرزاق بيد الله وحده، فيطمئن قلبه، ويتجنب ما يُغضب ربه.

معنى التوكل في القرآن والسنة

أشار جمعة إلى أن معنى التوكل هو الثقة بالله والتفويض الكامل له في كل الأمور مع الأخذ بالأسباب، واستشهد بالعديد من الآيات القرآنية التي ورد فيها الأمر بالتوكل، مثل قوله تعالى:

  • ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [آل عمران: 159].
  • ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [إبراهيم: 11].
  • قول موسى عليه السلام لقومه: ﴿فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ [يونس: 84].

كما استشهد بقول النبي ﷺ:

  • «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا» (رواه الترمذي).
  • وقوله ﷺ: «من كانت الدنيا همَّه، فرّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه… ومن كانت الآخرة همَّه، جمع الله أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة» (رواه ابن ماجه).

السعي لا ينافي التوكل

المشاركات ذات الصلة
1 من 4

شدد الدكتور علي جمعة على أن التوكل لا يعني ترك العمل أو الاستغناء عن السعي، بل لا بد للمؤمن من الأخذ بالأسباب وبذل الجهد، ثم تفويض النتيجة لله سبحانه وتعالى. فالأسباب والمسببات كلها من عند الله، ولا تؤتي ثمارها إلا بمشيئته.

ونقل عن الإمام سهل قوله: «من طعن في الحركة – أي السعي والاحتراف – فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان؛ فالتوكل حال النبي ﷺ، والكسب سنته، فمن عمل على حاله فلا يتركن سنته».

بهذا يوضح أن التوكل لا ينفصل عن الاجتهاد والعمل الجاد، بل يجمع بينهما.

اقرأ أيضاً: أدعية الصباح للرزق.. أدعية مكتوبة وأذكار مستجابة تجلب البركة وتشرح الصدر

التوكل الصحيح.. توازن بين القلب والعمل

أضاف جمعة أن التوكل الصحيح يقوم على ركيزتين:

  1. مراعاة الأسباب الظاهرة والعمل بها بجدية.
  2. الاعتماد القلبي على الله وحده، دون الاعتقاد أن الأسباب تجلب النفع أو تدفع الضرر بذاتها.

فالمسلم يزرع الأرض ويسقيها، لكنه يعلم أن الله وحده هو من يُخرج الثمار.

آثار التوكل في حياة المسلم

وللتوكل آثار عظيمة على الفرد والمجتمع، منها:

  • زيادة الإيمان وتعزيز محبة الله ورسوله ﷺ.
  • حسن السلوك وتهذيب الأخلاق، حيث يبتعد المؤمن المتوكل عن الحقد والحسد.
  • الرضا بالقضاء والقدر، مما يجعله أكثر صبرًا وثباتًا أمام الابتلاءات.
  • الاستقرار النفسي، إذ يعيش المسلم مطمئن القلب، غير متملق للناس ولا خائف منهم.
  • التعاون المجتمعي، فالمتوكل لا يؤذي غيره بل يسعى للنفع والإصلاح حيثما كان.

وأشار جمعة إلى أن من يتذوق معنى التوكل الصادق يعيش حياة متوازنة، تجمع بين السعي والعمل، والرضا والطمأنينة، فينال بذلك محبة الله ومغفرته ودرجات عليا في الجنة.

تعليقات
Loading...