الأمم المتحدة تعلن المجاعة في غزة وتتهم إسرائيل بعرقلة المساعدات

0 19

في تطور خطير وغير مسبوق في الشرق الأوسط، أعلنت الأمم المتحدة رسميًا، يوم الجمعة، دخول غزة في مرحلة المجاعة، وهو الإعلان الأول من نوعه في المنطقة منذ عقود طويلة. وجاء الإعلان بعد أشهر من التحذيرات المتكررة بشأن الوضع الإنساني الكارثي، والنقص الحاد في الغذاء والدواء، واستمرار الحصار المفروض على القطاع.

الأمم المتحدة: “المجاعة كان يمكن تفاديها”

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، أوضح في مؤتمر صحفي بجنيف أن ما يحدث في غزة هو “مجاعة كان من الممكن منعها بشكل كامل لو لم يتم عرقلة وصول المساعدات الإنسانية”. وأكد أن آلاف الأطنان من المواد الغذائية والأدوية مكدّسة على المعابر منذ أشهر، بينما يواجه مئات الآلاف من المدنيين خطر الجوع والموت البطيء.

وأضاف فليتشر أن “المجاعة في غزة يجب أن تكون جرس إنذار للعالم بأسره، فهي ليست كارثة طبيعية، وإنما نتيجة مباشرة للسياسات والإجراءات التي تمنع وصول المساعدات”. ووصف الوضع بأنه “لحظة عار جماعي على المجتمع الدولي”.

غوتيريش: “كارثة من صنع الإنسان”

من جانبه، شدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على أن ما يحدث في غزة “كارثة إنسانية وصمة عار في جبين البشرية”. وقال في تصريحاته:

“المجاعة ليست مجرد نقص في الغذاء، بل هي انهيار متعمّد للأنظمة الضرورية لبقاء الإنسان. الأطفال يموتون، والناس يتضورون جوعًا، وكل هذا يحدث أمام أعين العالم”.

وطالب غوتيريش بوقف فوري لإطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود، مؤكداً أن “استمرار الوضع دون عقاب أمر غير مقبول بموجب القانون الدولي”. وأضاف أن “إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، تتحمل مسؤولية قانونية واضحة لضمان وصول الغذاء والإمدادات الطبية إلى السكان المدنيين”.

أرقام صادمة: نصف مليون يواجهون الجوع الكارثي

التقارير الأممية، خصوصًا الصادرة عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في روما، أشارت إلى أن ما لا يقل عن 500 ألف شخص في غزة يواجهون مستويات “كارثية” من الجوع. كما أكدت أن مدينة غزة، التي تضم أكثر من مليون نسمة وتشكل 20% من مساحة القطاع، تعيش فعليًا مرحلة “المجاعة” وفق المعايير الدولية.

هذا الوضع، بحسب الخبراء، لا يشكل فقط مأساة إنسانية، بل قد يُصنَّف أيضًا كـ جريمة حرب، حيث أشار مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أن “الوفيات الناجمة عن التجويع المتعمّد قد تمثل قتلًا عمدًا يخالف القانون الدولي”.

لازاريني: “مجاعة مصممة ومفتعلة”

المشاركات ذات الصلة
1 من 6

أما المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروافيليب لازاريني، فقد أكد أن “المجاعة التي تعيشها غزة ليست نتيجة ظرف طبيعي أو كارثة بيئية، وإنما مجاعة مصممة ومفتعلة نتيجة سياسات إسرائيل”. وأضاف:

“لشهور طويلة حذرنا من أن منع دخول الغذاء والدواء سيؤدي إلى الكارثة، واليوم أصبح الأمر واقعًا. إنها مجاعة من صنع الإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.

وأشار لازاريني إلى أن الحل ما زال ممكنًا إذا توفرت الإرادة السياسية، وذلك عبر وقف إطلاق النار فورًا والسماح للمنظمات الإنسانية بالعمل بحرية لإيصال المساعدات.

إسرائيل ترفض وتتهم الأمم المتحدة

من جهتها، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية ما ورد في تقارير الأمم المتحدة، ووصفتها بأنها “مبنية على أكاذيب حركة حماس”. وجاء في بيان رسمي أن “لا وجود لمجاعة في غزة، وكل ما ورد من أرقام مبالغات هدفها الضغط السياسي”.

كما اتهمت تل أبيب المنظمات الدولية بـ “التحيز” وتقديم صورة غير واقعية للوضع على الأرض، بينما تؤكد منظمات الإغاثة المستقلة أن الأزمة الإنسانية في غزة غير مسبوقة وتشير بوضوح إلى أن السكان المدنيين يعيشون حالة جوع ومعاناة تفوق الوصف.

اقرأ أيضاً: لأول مرة في التاريخ… فلسطينية تُشارك في مسابقة ملكة جمال الكون 2025

كارثة إنسانية تهدد الاستقرار

الوضع الحالي في غزة لا ينذر فقط بمأساة إنسانية محلية، بل يهدد الاستقرار الإقليمي ككل. فالمجاعة قد تؤدي إلى موجة نزوح جديدة، وتزيد من التوترات السياسية والأمنية في المنطقة، خصوصًا مع تصاعد الانتقادات الدولية للسياسات الإسرائيلية.

المحللون يعتبرون أن إعلان المجاعة رسميًا من قبل الأمم المتحدة سيزيد من الضغوط على المجتمع الدولي للتحرك، خاصة أن القانون الدولي يعتبر تجويع المدنيين جريمة حرب، وهو ما قد يفتح الباب أمام مساءلات قانونية ودبلوماسية في المحافل الدولية.

الخلاصة

إعلان المجاعة في غزة ليس مجرد حدث عابر، بل هو صرخة إنسانية تكشف حجم الكارثة التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني تحت الحصار. وبينما تستمر إسرائيل في إنكار الواقع، تؤكد المنظمات الإنسانية أن الأطفال يموتون جوعًا وأن آلاف الأسر بلا غذاء أو دواء.

ويبقى السؤال المطروح: هل سيتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف الكارثة، أم ستظل غزة تدفع وحدها ثمن الصراع السياسي والعسكري؟

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. موافق اقرأ المزيد