تتجه أنظار العالم إلى مدينة أنكوريج في ولاية ألاسكا، حيث من المقرر أن تشهد قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون العسكرية المشتركة حدثًا استثنائيًا، يتمثل في عقد قمة مرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة .
اختيار هذا الموقع لم يأتِ من فراغ، بل جاء بناءً على عوامل أمنية وجغرافية جعلته الأنسب لاستضافة اجتماع على هذا المستوى الحساس.
لماذا وقع الاختيار على قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون؟
موقع استراتيجي وأمان عالي
تقع القاعدة على بُعد نحو 18 كيلومترًا فقط من وسط مدينة أنكوريج، وتتمتع بموقع نائي نسبيًا يتيح توفير أعلى مستويات الأمان. وبحسب محللين عسكريين، فإن قرب المسافة الجوية من كل من واشنطن وموسكو يجعلها نقطة التقاء مثالية من الناحية اللوجستية.
مركز عمليات حيوي
تضم القاعدة الجناح الثالث للقوات الجوية الأميركية، المسؤول عن تشغيل مقاتلات F-22 رابتور، إلى جانب مهام المراقبة والدفاع في مناطق آسيا والقطب الشمالي والساحل الغربي الأميركي. ويصفها العسكريون بأنها أحد الأعمدة الرئيسية في منظومة الدفاع الجوي لأميركا الشمالية.
حقائق وأرقام عن القاعدة
- عدد الأفراد: أكثر من 32 ألف شخص، ما يمثل حوالي 10% من سكان مدينة أنكوريج.
- المساحة: تمتد على نحو 85 ألف فدان.
- البنية التحتية: تُقدر قيمتها بنحو 15 مليار دولار.
- الأهمية الأمنية: تعتبر الموقع الوحيد في ألاسكا الذي يمتلك تجهيزات أمنية قادرة على استقبال زعماء عالميين في نفس الوقت.
لمحة تاريخية عن القاعدة
النشأة والتطور
تعود جذور القاعدة إلى عام 1941 عندما بدأت القوات الجوية الأميركية بالانتشار في ألاسكا، تحسبًا لتداعيات الحرب العالمية الثانية. ومع بداية الحرب الباردة، لعبت قاعدة إلمندورف الجوية دورًا محوريًا في مراقبة الاتحاد السوفيتي، وكانت بمثابة “خط الدفاع الأول” ضد أي تهديد محتمل من المحيط الهادئ.
الدمج وتوسعة القدرات
في عام 2010، تم دمج قاعدة إلمندورف الجوية مع قاعدة فورت ريتشاردسون التابعة للجيش الأميركي، لتنشأ القاعدة المشتركة المعروفة اليوم. هذا الدمج ساهم في تعزيز البنية التحتية وتوسيع نطاق العمليات.
أبرز الزيارات التاريخية للقاعدة
لقاءات رئاسية
- 1971: استضاف الرئيس ريتشارد نيكسون الإمبراطور الياباني هيروهيتو، في زيارة تاريخية كانت الأولى من نوعها لإمبراطور ياباني إلى دولة أجنبية أثناء فترة حكمه.
- 1983: توقف الرئيس رونالد ريغان في القاعدة خلال رحلة دبلوماسية إلى اليابان وكوريا.
- 2015: زار الرئيس باراك أوباما القاعدة لحضور مؤتمر GLACIER حول التغير المناخي.
- 2023: أقام الرئيس جو بايدن مراسم إحياء ذكرى هجمات 11 سبتمبر داخل القاعدة.
زيارات كبار المسؤولين
إلى جانب الرؤساء، استقبلت القاعدة العديد من كبار مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية، الذين جاءوا لتفقد أوضاع الجنود في ألاسكا ومناقشة المهام الاستراتيجية. ومن أبرز هذه الزيارات، جولة كاثلين هيكس، نائبة وزير الدفاع السابقة، عام 2023، حيث تناولت قضايا تتعلق بجودة حياة القوات المنتشرة في المناطق القطبية.
أهمية القاعدة في الجغرافيا السياسية
بحكم موقعها الاستراتيجي، تلعب قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون دورًا أساسيًا في مراقبة الأنشطة العسكرية في منطقة القطب الشمالي، التي أصبحت ساحة تنافس بين القوى الكبرى، خاصة مع ذوبان الجليد وفتح طرق ملاحية جديدة. كما أنها تمثل مركزًا حيويًا للعمليات العسكرية الأميركية في شمال المحيط الهادئ.
ما الذي تعنيه القمة بالنسبة للعالم؟
عقد لقاء بين ترامب وبوتين في قاعدة عسكرية بهذه الأهمية يعكس ثقل الحدث وحساسيته، إذ يُتوقع أن تتناول المباحثات قضايا أمنية وسياسية على أعلى مستوى، بدءًا من العلاقات الثنائية وصولًا إلى ملفات الصراع والتعاون في مناطق النفوذ المشتركة.
قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون ليست مجرد موقع عسكري، بل هي نقطة التقاء بين التاريخ والجغرافيا والسياسة. واختيارها لاستضافة قمة تجمع ترامب وبوتين يضيف إليها فصلًا جديدًا من الأهمية في سجلها الحافل بالأحداث الدولية.