قوة التنين: لماذا تخيف صواريخ الصين البحرية الأميركية؟

أصبحت الصواريخ الصينية عنوانًا جديدًا لصعود بكين كقوة عسكرية كبرى. فبينما اعتمدت الولايات المتحدة لعقود على حاملات الطائرات كمصدر للتفوق البحري، أعادت الصين رسم قواعد اللعبة عبر تطوير ترسانة صاروخية متعددة المستويات، تضم صواريخ باليستية عابرة للقارات، وصواريخ فرط صوتية، وأنظمة تطلق من الغواصات والطائرات.

الكشف عن هذه القوة لم يكن مجرد استعراض عسكري، بل رسالة واضحة إلى واشنطن: ميزان القوى في المحيط الهادئ يتغير بسرعة.


الصين وصواريخها: قوة تبني استراتيجيتها

منذ بداية القرن الحادي والعشرين، استثمرت بكين بشكل متسارع في تطوير برامجها الصاروخية. وعلى عكس روسيا والولايات المتحدة، لم تكن الصين مقيدة باتفاقيات الحد من التسلح خلال الحرب الباردة، ما منحها مساحة كبيرة لتوسيع قدراتها.

هذا التوجه جعلها اليوم تمتلك أوسع تشكيلة صاروخية في العالم، تشمل:

  • صواريخ باليستية عابرة للقارات (ICBMs).
  • صواريخ باليستية متوسطة المدى.
  • مركبات انزلاقية فرط صوتية (Hypersonic Glide Vehicles).
  • صواريخ تطلق من الغواصات (SLBMs).
  • صواريخ تطلق جوا من قاذفات استراتيجية.

الصواريخ الباليستية العابرة للقارات: ذراع بكين الطويلة

DF-41 وDF-61: عماد الردع النووي

  • صاروخ DF-41 دخل الخدمة عام 2017 بمدى يصل إلى 14,000 كيلومتر، وقادر على حمل 10 رؤوس نووية.
  • صاروخ DF-61، الذي ظهر لأول مرة في استعراض بكين 2025، يمثل النسخة الأحدث والأكثر مرونة، بفضل منصات الإطلاق المتنقلة التي تزيد من قدرته على البقاء بعد الضربة الأولى.

DF-5C: العملاق القديم المتجدد

  • يمتد مداه إلى 20,000 كيلومتر، ما يجعله قادرًا على استهداف أي نقطة في العالم.
  • يحمل حتى 12 رأسًا حربيا، وهو ركيزة أساسية ضمن الترسانة المثبتة في الصوامع.

عائلة DF-31

  • أول صاروخ صيني عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب.
  • النسخة الأحدث DF-31BJ أثارت تكهنات بحملها رؤوسًا فرط صوتية قابلة للمناورة.

الصواريخ البحرية: قوة ردع تحت الماء

JL-2 وJL-3

  • صواريخ تطلق من غواصات نووية من طراز 094 و096.
  • مدى يصل إلى 10,000 كيلومتر، مع حمولات MIRV، ما يمنح الصين قدرة ضربة ثانية فعالة.

امتلاك هذه الصواريخ يعني أن الصين قادرة على تهديد أهداف أميركية حتى من أعماق البحار، وهو عنصر حاسم في معادلة الردع.


الصواريخ المتوسطة والفرط صوتية: سلاح مواجهة أميركا في المحيط الهادئ

DF-26: “قاتل حاملات الطائرات”

  • مدى 4,000 كيلومتر، وقدرة على استهداف أهداف بحرية متحركة.
  • يمثل التهديد الأكبر لمجموعات حاملات الطائرات الأميركية.

DF-17: المركبة الانزلاقية الفرط صوتية

  • مدى 2,500 كيلومتر وسرعة تتجاوز 5 ماخ.
  • قدرتها على المناورة تجعل اعتراضها شبه مستحيل بأنظمة الدفاع التقليدية.

هذه الصواريخ مصممة خصيصًا لتقويض التفوق الأميركي في تايوان وبحر الصين الجنوبي.


الصواريخ المطلقة جوا: القاذفات الصينية تدخل اللعبة

قاذفات H-6

  • قادرة على حمل صواريخ باليستية وكروز مثل JL-1 وCJ-10 وYJ-12.
  • تمنح الصين نطاقًا جويًا يغطي مساحات شاسعة من المحيط الهادئ.

عائلة YJ المضادة للسفن

  • تشمل صواريخ فرط صوتية مثل YJ-17 وYJ-21 بمدى يتراوح بين 500 و1000 كيلومتر.
  • صممت لشل الدفاعات البحرية الأميركية في وقت قصير.

الصواريخ قصيرة المدى: أدوات الحسم ضد تايوان

  • DF-12 بمدى 500 كيلومتر ودقة عالية.
  • DF-15 وDF-16 لتغطية الجزر والمواقع القريبة.

هذه الأنظمة التكتيكية تجعل أي مواجهة مع الصين في مضيق تايوان مكلفة للغاية للولايات المتحدة وحلفائها.


لماذا تقلق واشنطن؟

  1. التهديد المباشر لحاملات الطائرات: وهي العمود الفقري للوجود الأميركي في آسيا.
  2. تعدد الطبقات: الصين تملك شبكة من الصواريخ قصيرة، متوسطة، وبعيدة المدى تجعل ردعها صعبًا.
  3. التفوق في مجال الفرط صوتية: واشنطن ما زالت في طور الاختبارات، بينما الصين نشرت أنظمة عاملة بالفعل.
  4. قدرة الضربة الثانية: بفضل صواريخ الغواصات، لم يعد بالإمكان شل الصين بهجوم مفاجئ.

من اللحاق إلى القيادة

لم تعد الصين مجرد “تلميذ” في سباق التسلح، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا يفرض إيقاعه. استعراضها العسكري الأخير كان بمثابة تحذير عملي: عصر الهيمنة الأميركية المنفردة في المحيط الهادئ يقترب من نهايته.


الخلاصة

الصواريخ لم تعد مجرد أسلحة في ترسانة الصين، بل أصبحت ركيزة استراتيجية تعيد تشكيل ميزان القوى العالمي. وبينما تواصل واشنطن وحلفاؤها البحث عن حلول مضادة، يبدو أن بكين قد سبقتهم بخطوات كبيرة، صاروخًا تلو الآخر.

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. قبول اقرأ المزيد