استهداف ناقلة نفط إسرائيلية في البحر الأحمر بصاروخ باليستي يمني: تصاعد التوتر في الممرات البحرية
شهد البحر الأحمر حادثًا جديدًا يعكس تصاعد التوترات الإقليمية، بعدما أعلن الحوثيون في اليمن عن استهداف ناقلة نفط مملوكة لإسرائيل بصاروخ باليستي. ورغم تضارب الروايات بين التأكيد الحوثي بوقوع إصابة مباشرة، والتقارير الدولية التي أشارت إلى أن الناقلة واصلت رحلتها دون أضرار كبيرة، فإن هذا الحدث يسلط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في واحد من أهم الممرات البحرية العالمية.
تفاصيل الهجوم على ناقلة “سكارليت راي”
الرواية الحوثية
صرّح المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، أن القوات البحرية التابعة لهم نفذت “عملية عسكرية نوعية” استهدفت ناقلة النفط الإسرائيلية “سكارليت راي” شمالي البحر الأحمر باستخدام صاروخ باليستي. وأكد سريع أن السفينة أصيبت بشكل مباشر، في إطار ما وصفه باستمرار العمليات لدعم الشعب الفلسطيني في غزة.
تقارير بريطانية متحفظة
في المقابل، نقلت وكالة الأمن البحري البريطانية وشركة “أمبري” للأمن البحري رواية أقل حدة، حيث أشارت إلى أن السفينة بالفعل مملوكة لإسرائيليين لكنها ترفع علم ليبيريا، مؤكدة أن الهجوم لم يسفر عن خسائر بشرية وأن الطاقم بخير، فيما واصلت السفينة رحلتها بشكل طبيعي.
البحر الأحمر.. ممر استراتيجي على صفيح ساخن
أهمية البحر الأحمر
البحر الأحمر ليس مجرد ممر مائي عادي، بل يعد من أهم شرايين التجارة العالمية، إذ تمر عبره ناقلات النفط والبضائع بين آسيا وأوروبا. ويُعتبر مضيق باب المندب نقطة استراتيجية حيوية، حيث يشكل أحد أهم الممرات البحرية التي تربط المحيط الهندي بالبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.
تهديد متواصل للملاحة
منذ نهاية عام 2023، صعّد الحوثيون هجماتهم ضد السفن التي يصفونها بأنها مرتبطة بإسرائيل أو بحلفائها، في سياق الحرب الإقليمية غير المباشرة. هذه الهجمات تشكل تهديدًا كبيرًا لحركة التجارة العالمية، إذ قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وربما إجبار بعض الشركات على تغيير مساراتها البحرية.
الخلفية السياسية والعسكرية للهجمات الحوثية
دعم معلن لفلسطين
الحوثيون يبررون عملياتهم البحرية بأنها رد فعل مباشر على ما يحدث في قطاع غزة، ويؤكدون أن استهداف السفن الإسرائيلية يأتي “نصرة للشعب الفلسطيني” في مواجهة العدوان. هذا الموقف أكسبهم زخماً دعائياً في بعض الأوساط، لكنه في الوقت نفسه عرّضهم لانتقادات دولية بسبب تهديد أمن الملاحة العالمية.
التحالفات الإقليمية
لا يمكن فصل هذه الهجمات عن المشهد الإقليمي الأوسع. فالحوثيون المدعومون من إيران يسعون لفرض معادلة ردع جديدة ضد إسرائيل وحلفائها. بينما ترى دول غربية أن استمرار هذه الهجمات قد يؤدي إلى مواجهة بحرية أوسع، خصوصًا مع وجود قوات أمريكية وبريطانية وفرنسية في البحر الأحمر لتأمين الملاحة.
التداعيات المحتملة على الاقتصاد العالمي

ارتفاع تكاليف التأمين والشحن
مع تزايد وتيرة الهجمات في البحر الأحمر، ارتفعت أقساط التأمين البحري بشكل ملحوظ، ما ينعكس مباشرة على أسعار السلع والنفط عالميًا. فالشركات باتت مجبرة على تحمل مخاطر إضافية أو البحث عن طرق بديلة أطول وأكثر تكلفة عبر رأس الرجاء الصالح.
تهديد لإمدادات الطاقة
استهداف ناقلات النفط تحديدًا يزيد من حساسية الموقف، إذ إن أي تعطيل لحركة تصدير النفط سيؤثر بشكل مباشر على أسواق الطاقة العالمية، وهو ما قد يرفع أسعار النفط بشكل كبير، ويؤدي إلى أزمات اقتصادية متلاحقة.
اقرأ ايضا: إسرائيل تستهدف قيادات حوثية رفيعة في صنعاء والحوثيون يتوعدون بالثأر
المواقف الدولية وردود الفعل
صمت وتحفظ
حتى اللحظة، لم تصدر ردود فعل رسمية قوية من الجانب الإسرائيلي بشأن استهداف ناقلة “سكارليت راي”، ربما تجنبًا لتضخيم الحدث أو لتفادي التصعيد المباشر مع الحوثيين في البحر الأحمر.
مراقبة حذرة من القوى الكبرى
الولايات المتحدة وبريطانيا تتابعان الوضع عن قرب، إذ سبق أن أطلقتا عمليات بحرية مشتركة لمواجهة تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر. ومن المرجح أن تزداد التحركات الدولية خلال الفترة المقبلة إذا تكرر استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل.
هل تتجه المنطقة إلى تصعيد أكبر؟
احتمالات مفتوحة
الهجوم الأخير يعزز فرضية أن البحر الأحمر قد يتحول إلى ساحة صراع جديدة، خاصة إذا قررت إسرائيل أو القوى الغربية الرد عسكريًا على الحوثيين. وفي حال توسعت المواجهات، قد نشهد تعطيلًا أكبر لحركة التجارة العالمية وارتفاعًا إضافيًا في أسعار النفط.
دور الوساطات الدبلوماسية
في المقابل، تبذل بعض الأطراف الإقليمية جهودًا للحد من التصعيد، خصوصًا أن استمرار الهجمات لا يخدم مصالح الدول المطلة على البحر الأحمر، مثل مصر والسعودية، التي تعتمد بشكل أساسي على أمن هذا الممر البحري لاقتصاداتها.
الهجوم الحوثي على ناقلة النفط الإسرائيلية “سكارليت راي” يمثل حلقة جديدة في سلسلة من العمليات التي تهدد استقرار البحر الأحمر والملاحة الدولية. وبينما يسعى الحوثيون إلى ربط عملياتهم بالدعم المعلن للفلسطينيين، يثير الأمر مخاوف عالمية من تداعيات اقتصادية وأمنية واسعة. وفي ظل الصمت الإسرائيلي والتحفظ الدولي، يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا التصعيد قبل أن ينفجر صراع أوسع في واحدة من أهم الممرات البحرية في العالم؟