كيم جونغ أون وشحذ السيف النووي: ماذا تعني دعوته الأخيرة للعالم؟
أعادت تصريحات الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الجدل العالمي حول مستقبل الأمن الإقليمي والدولي. ففي خطاب حاد اللهجة، دعا كيم إلى “شحذ الدرع والسيف النوويين” وتوظيف جميع الموارد لدعم البرنامج النووي لبلاده. هذه التصريحات ليست مجرد تعبير بلاغي، بل تحمل رسائل استراتيجية إلى واشنطن وسيؤول وبكين وموسكو على حد سواء.
كوريا الشمالية والنووي: قصة بدأت منذ عقود
منذ سبعينيات القرن الماضي، سعت كوريا الشمالية إلى امتلاك برنامج نووي مستقل. ومع مرور العقود، ورغم العقوبات الاقتصادية الصارمة، تمكنت بيونغ يانغ من تطوير ترسانة معتبرة.
- البداية كانت ببرامج بحثية سرية.
- ثم انتقلت إلى تجارب صاروخية متكررة.
- وصولًا إلى اختبار أول قنبلة نووية عام 2006.
اليوم، تشير تقارير استخباراتية إلى أن كوريا الشمالية تمتلك القدرة على إنتاج ما يصل إلى 20 سلاحًا نوويًا سنويًا بفضل تقنيات تخصيب اليورانيوم.
تصريحات كيم الأخيرة: رسائل متعددة

شحذ “الدرع والسيف النوويين”
قال كيم جونغ أون خلال لقائه مع كبار العلماء والمهندسين في معاهد الأبحاث النووية إن الأولوية القصوى لبلاده هي تعزيز الردع النووي. الدرع يرمز إلى الدفاع، والسيف يرمز إلى القدرة الهجومية، ما يعني أن كوريا الشمالية تسعى إلى تحقيق توازن بين الردع والحسم.
رفض مطلق لنزع السلاح النووي
أكد كيم أن امتلاك السلاح النووي بات منصوصًا عليه في القانون، والحكومة ملزمة بحمايته. وهو بذلك يقطع الطريق أمام أي مفاوضات مستقبلية حول التخلي عن السلاح النووي مقابل رفع العقوبات.
الإعلان عن “سلاح سري جديد”
ألمح الزعيم الكوري إلى تقدم مهم في مجال البحث والتطوير الدفاعي، مشيرًا إلى امتلاك بلاده سلاحًا جديدًا دون الكشف عن تفاصيله. هذا الغموض يهدف إلى إثارة قلق الخصوم ورفع مستوى الردع النفسي.
الموقف الإقليمي والدولي
كوريا الجنوبية: الجار المهدد
الرئيس الكوري الجنوبي لي جيه ميونغ صرح بأن بيونغ يانغ تسعى منذ عقود لامتلاك ترسانة نووية ضخمة، مشيرًا إلى أن عمليات تخصيب اليورانيوم مكنتها من إنتاج قنابل بمعدل متسارع. بالنسبة لسيؤول، تمثل هذه التصريحات تهديدًا مباشرًا للأمن القومي.
الولايات المتحدة: تحدٍ للنفوذ
ترى واشنطن أن خطاب كيم الأخير رسالة تحدٍ مباشرة، خاصة مع استمرار المناورات الأميركية – الكورية الجنوبية المشتركة. الإدارة الأميركية تعتبر أن التهديد النووي الكوري يتجاوز شبه الجزيرة الكورية، وقد يشمل مناطق أبعد في آسيا والمحيط الهادئ.
الصين وروسيا: الحلفاء الحذرون
رغم أن بكين وموسكو توفران دعمًا سياسيًا ودبلوماسيًا لبيونغ يانغ، إلا أنهما لا ترغبان في تصعيد قد يجر المنطقة إلى مواجهة مفتوحة. لذلك، غالبًا ما تدعوان إلى الحوار وضبط النفس.
لماذا تصر كوريا الشمالية على النووي؟
- ضمان بقاء النظام: ترى القيادة الكورية أن السلاح النووي هو الضامن الوحيد ضد أي محاولة لتغيير النظام.
- ورقة ضغط دولية: البرنامج النووي وسيلة فعالة لانتزاع تنازلات سياسية واقتصادية من المجتمع الدولي.
- موازنة القوى الإقليمية: مع وجود قوات أميركية في كوريا الجنوبية واليابان، تسعى بيونغ يانغ لتحقيق توازن ردعي.
تداعيات مستقبلية
- سباق تسلح جديد في آسيا: قد تدفع هذه التصريحات اليابان وكوريا الجنوبية إلى تعزيز ترسانتهما الدفاعية وربما النووية.
- تشديد العقوبات: من المرجح أن ترد واشنطن والأمم المتحدة بمزيد من القيود الاقتصادية.
- مخاطر التصعيد: أي خطأ في الحسابات قد يشعل مواجهة عسكرية واسعة.
الخلاصة
دعوة كيم جونغ أون إلى “شحذ الدرع والسيف النوويين” تعكس تصميمًا متزايدًا على ترسيخ مكانة بلاده كقوة نووية لا يمكن تجاهلها. وبينما يرى البعض أن هذه الخطوة تهدف لحماية السيادة الكورية، يعتبرها آخرون تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي والعالمي. المؤكد أن الملف النووي الكوري سيظل أحد أكثر الملفات سخونة على الساحة الدولية في السنوات المقبلة.