اعتراض أسطول الصمود يثير أزمة دبلوماسية بين إسبانيا وإسرائيل بعد احتجاز نشطاء ومساعدات لغزة
في تصعيد دبلوماسي جديد بين مدريد وتل أبيب، أعلنت الحكومة الإسبانية استدعاء القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد، على خلفية اعتراض البحرية الإسرائيلية لأسطول المساعدات المعروف باسم “أسطول الصمود“ المتجه إلى قطاع غزة، والذي كان يقل مئات النشطاء من جنسيات مختلفة، بينهم 65 مواطناً إسبانياً.
تفاصيل الواقعة: اعتراض الأسطول ونقل النشطاء إلى إسرائيل
تحرك البحرية الإسرائيلية
بحسب تقارير إعلامية وشهادات المشاركين، اعترضت القوات الإسرائيلية أكثر من 40 قارباً مدنياً كانت تحمل مساعدات إنسانية من غذاء وأدوية موجهة إلى غزة. وتم إنزال النشطاء قسراً واقتيادهم إلى أحد الموانئ الإسرائيلية، في خطوة وصفتها منظمات حقوقية بـ”الاختطاف”.
مشاركة ناشطين بارزين
الفيديو الذي نشرته وزارة الخارجية الإسرائيلية وأكدت صحته وكالة “رويترز” أظهر الناشطة السويدية غريتا تونبرغ، أيقونة الحركات المناخية العالمية، وهي محاطة بجنود إسرائيليين على متن أحد القوارب. المشهد أثار صدمة واسعة، خصوصاً أن وجود شخصية عالمية مثل تونبرغ في الأسطول أعطى زخماً إعلامياً غير مسبوق.
الموقف الإسباني: رسالة احتجاج قوية
وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أعلن عبر التلفزيون الرسمي “TVE” أنه استدعى القائمة بأعمال إسرائيل، مؤكداً أن بلاده لن تقف صامتة أمام انتهاك حقوق مواطنيها. وأشار إلى أن إسبانيا تتابع عن كثب أوضاع 65 ناشطاً إسبانياً كانوا على متن الأسطول، مضيفاً أن مدريد ستتحرك دبلوماسياً لحماية حقوقهم.
هذا الموقف يعكس السياسة الجديدة التي تتبناها إسبانيا مؤخراً تجاه الصراع في الشرق الأوسط، حيث أبدت الحكومة الإسبانية دعماً أكبر للقضية الفلسطينية، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
ما هو “أسطول الصمود”؟

الخلفية التاريخية
فكرة أسطول المساعدات ليست جديدة، إذ تعود إلى عام 2010 حين أطلقت منظمات دولية “أسطول الحرية” لكسر الحصار عن غزة، والذي تعرض لهجوم إسرائيلي دموي على متن سفينة مافي مرمرة وأدى إلى مقتل 10 نشطاء أتراك.
أسطول 2025
النسخة الحالية، المعروفة باسم “أسطول الصمود”، تشكلت من أكثر من 40 قاربا مدنياً تحمل مساعدات إنسانية، ويشارك فيها نحو 500 ناشط، من بينهم محامون وبرلمانيون وأطباء وحقوقيون، بالإضافة إلى شخصيات عامة مثل غريتا تونبرغ.
هدف الأسطول، بحسب المنظمين، هو إيصال مساعدات إنسانية عاجلة لسكان غزة وكسر الحصار المفروض منذ أكثر من 17 عاماً، بطريقة سلمية غير عنيفة.
الرواية الإسرائيلية: “الأسطول تابع لحماس”
وزارة الخارجية الإسرائيلية نشرت بياناً على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) قالت فيه إن البحرية أوقفت عدة قوارب “تابعة لحماس”، مؤكدة أن العملية تمت بشكل “آمن” وأن النشطاء “بخير”. هذه الرواية قوبلت بتشكيك واسع من قبل المنظمات الدولية، التي أكدت أن مهمة الأسطول إنسانية بحتة ولا علاقة لها بأي نشاط عسكري.
ردود الفعل الدولية والإعلامية
تضامن عالمي
انتشرت مقاطع فيديو عبر تطبيق تلجرام نشرها المشاركون، يظهرون فيها وهم يحملون جوازات سفرهم ويؤكدون أنهم “اختُطفوا واقتيدوا إلى إسرائيل رغماً عنهم”. هذه الفيديوهات لاقت تفاعلاً واسعاً واعتُبرت دليلاً على أن العملية الإسرائيلية تنتهك القانون الدولي.
ضغط على إسرائيل
الواقعة وضعت إسرائيل أمام انتقادات متزايدة، خاصة في أوروبا، حيث ترتفع أصوات من داخل الاتحاد الأوروبي للمطالبة بفتح تحقيق مستقل حول احتجاز النشطاء، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق.
التداعيات المحتملة للأزمة
على العلاقات الإسبانية – الإسرائيلية
استدعاء القائمة بأعمال إسرائيل في مدريد قد يكون مقدمة لتوتر دبلوماسي أكبر بين البلدين. فإسبانيا من أكثر الدول الأوروبية انتقاداً لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، وقد ترفع هذه الأزمة منسوب التوتر إلى مستويات جديدة.
على صورة إسرائيل الدولية
الصور التي أظهرت جنوداً يحيطون بغريتا تونبرغ، الناشطة الشابة التي تحظى بتعاطف عالمي، قد تُلحق ضرراً كبيراً بصورة إسرائيل في الرأي العام الدولي، خصوصاً بين الأجيال الشابة في الغرب.
اعتراض أسطول الصمود من قبل البحرية الإسرائيلية فتح فصلاً جديداً من الجدل حول شرعية الحصار المفروض على غزة، وحقوق الشعوب في إيصال المساعدات الإنسانية. وبينما تؤكد إسرائيل أنها تصرفت وفق ما تراه “ضرورات أمنية”، ترى منظمات حقوقية ودول مثل إسبانيا أن ما جرى هو انتهاك صارخ للقانون الدولي وحرية الملاحة.
الأزمة مرشحة للتصعيد، ليس فقط بين مدريد وتل أبيب، بل أيضاً على مستوى الاتحاد الأوروبي، الذي يجد نفسه أمام اختبار جديد لمصداقيته في الدفاع عن القيم الإنسانية وحقوق الإنسان.