الصين تنافس الولايات المتحدة بنجاح أول تجربة لزرع شريحة دماغية
مريض مشلول يمارس ألعاباً باستخدام الإشارات العصبية بعد أسابيع من العملية
في خطوة وُصفت بأنها قفزة علمية وتكنولوجية، أعلنت الصين نجاح أول تجربة سريرية لزرع شريحة دماغية تتيح التحكم في الأجهزة الإلكترونية عبر إشارات المخ. وبهذا الإنجاز، تصبح بكين ثاني دولة في العالم – بعد الولايات المتحدة – تصل إلى هذه المرحلة المتقدمة من تكنولوجيا واجهات الدماغ والحاسوب (BCI).
المريض المشلول يستعيد قدراته عبر الدماغ
أُجريت العملية في مارس الماضي لمريض يعاني من شلل رباعي، حيث زرع الأطباء جهازاً لاسلكياً صغيراً في دماغه. وبعد أسابيع قليلة فقط، تمكّن المريض من التحكم في حاسوب باستخدام تفكيره، ليمارس ألعاب السباقات والشطرنج دون الحاجة إلى أي حركة جسدية.
النتيجة أثبتت أن هذه التكنولوجيا الناشئة لم تعد مجرد تجربة مخبرية، بل بدأت تحقق نتائج ملموسة يمكن أن تغيّر حياة الملايين من ذوي الإعاقات الحركية حول العالم.
شريحة أصغر وأكثر مرونة من “نيورالينك”
بحسب صحيفة غلوبال تايمز، فإن الشريحة الصينية هي الأصغر في العالم حتى الآن، حيث لا يتجاوز قطرها 26 ميليمتراً، بينما يبلغ سمكها أقل من 6 ميليمترات.
الأهم من ذلك أن مرونتها تفوق رقاقة شركة “نيورالينك“ الأميركية – التي أسسها إيلون ماسك – بنحو مئة مرة، ما يجعلها أكثر ملاءمة للاستخدام الطبي طويل الأمد، ويقلل من احتمالية المضاعفات الجراحية.
سباق عالمي على تكنولوجيا المستقبل

تُعد واجهات الدماغ والحاسوب من أكثر مجالات التكنولوجيا الطبية الواعدة، إذ تهدف إلى إعادة الوظائف الحركية لمرضى الشلل وتمكينهم من التواصل مع العالم الخارجي. وتتصدر “نيورالينك” هذا السباق في الغرب، بعدما حصلت على موافقة لإجراء تجارب بشرية عام 2023.
لكن الصين، من خلال مركز التميز في علوم الدماغ وتكنولوجيا الذكاء في شنغهاي، أثبتت أنها منافس جاد، خصوصاً مع تعاونها مع مستشفى هواشان التابع لجامعة فودان، ما يمنحها بنية بحثية وطبية قوية.
الخطوة التالية: ذراع آلية بالتحكم العقلي
لا تقتصر طموحات الباحثين الصينيين على الألعاب الإلكترونية فقط، بل يخطط الفريق لتطوير التقنية بحيث تسمح للمريض باستخدام ذراع آلية عبر التفكير، لأداء وظائف أكثر تعقيداً مثل الإمساك بكوب أو تحريك أدوات يومية.
ويأمل المركز أن يحصل النظام على موافقة رسمية تمهيداً لطرحه في الأسواق بحلول عام 2028، ما يعني أنه قد يتحول من أداة بحثية إلى حل طبي تجاري متاح لمرضى الشلل.
اقرأ ايضا: بعد 18 عامًا من الصمت: تقنية عصبية تعيد القدرة على الكلام لسيدة كندية
الصين مقابل الولايات المتحدة: من يقود السباق؟
على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت سباقة عبر “نيورالينك”، فإن بكين أثبتت أنها قادرة على اللحاق بسرعة وربما تجاوز منافسيها.
ففي الأشهر الماضية، كشفت شركات ناشئة صينية عن ابتكارات مماثلة، لكن هذه التجربة السريرية الناجحة تمثل علامة فارقة، لأنها المرة الأولى التي تثبت فيها الصين قدرة شريحة محلية الصنع على إحداث استجابة عملية وفعّالة لدى مريض بشري.
مستقبل يغير حياة البشر
إذا نجحت هذه التكنولوجيا في تجاوز التحديات التنظيمية والأخلاقية، فإنها ستفتح الباب أمام عصر جديد من التفاعل المباشر بين الدماغ والأجهزة الإلكترونية. الأمر قد يتجاوز علاج الشلل ليشمل تحسين القدرات الإدراكية، والتوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي عبر الدماغ، وحتى تطوير تطبيقات عسكرية وصناعية.