الدهون الحشوية تسرّع شيخوخة القلب وتزيد مخاطر أمراضه

ما هي الدهون الحشوية ولماذا تُسمى “الدهون الخفية”؟

تُعرف الدهون الحشوية بأنها الدهون العميقة التي تتراكم حول الأعضاء الداخلية مثل القلب والكبد والأمعاء، على عكس الدهون تحت الجلد التي تظهر بشكل أوضح على الجسم. هذه الدهون غير مرئية من الخارج، لذلك قد يبدو الشخص نحيفاً أو بوزن طبيعي بينما يخفي جسده مستويات خطيرة منها.

وقد أثبتت دراسة حديثة أن لهذه الدهون تأثيراً مباشراً في تسريع شيخوخة القلب والأوعية الدموية، وهو ما يجعلها خطراً صامتاً لا يلتفت إليه الكثيرون.


نتائج الدراسة: “العمر القلبي” أسرع من العمر الزمني

أجرى فريق بحثي من مختبر العلوم الطبية التابع لمجلس البحوث الطبية البريطاني دراسة واسعة نُشرت في المجلة الأوروبية للقلب. اعتمد العلماء على بيانات أكثر من 21 ألف شخص من قاعدة البنك الحيوي البريطاني، حيث تم تحليل صور الجسم الكاملة بتقنية الرنين المغناطيسي، إضافةً إلى صور تفصيلية للقلب والأوعية.

وباستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، تمكن الباحثون من تحديد ما يسمى بـ”العمر القلبي”، وهو مقياس يعكس التغيرات البيولوجية الدقيقة المرتبطة بالشيخوخة المبكرة مثل:

  • تصلب الشرايين
  • الالتهاب المزمن منخفض الدرجة
  • ضعف مرونة الأنسجة القلبية

النتيجة كانت واضحة: كلما ارتفعت نسبة الدهون الحشوية، زادت سرعة شيخوخة القلب، حتى عند الأشخاص الذين لا يعانون من السمنة الظاهرة.


الفرق بين الرجال والنساء: “التفاحة” مقابل “الكمثرى”

النمط التفاحي: خطر أكبر على الرجال

أظهرت الدراسة أن تراكم الدهون حول البطن – وهو ما يُعرف بالنمط التفاحي – يرتبط بشكل مباشر بزيادة الشيخوخة المبكرة للقلب، خصوصاً عند الرجال. هذه الدهون الحشوية نشطة بيولوجياً وتُفرز مواد التهابية تعزز تصلب الشرايين وتضعف الأنسجة القلبية.

النمط الكمثري: حماية نسبية للنساء

أما عند النساء، فقد لوحظ أن النمط الكمثري – حيث تتركز الدهون في الفخذين والوركين – قد يوفر حماية نسبية، إذ تبدو هذه الدهون أقل نشاطاً من الناحية الالتهابية. إضافة إلى ذلك، فإن هرمون الإستروجين يلعب دوراً وقائياً في إبطاء شيخوخة القلب قبل انقطاع الطمث.

ويفتح هذا الباب أمام أبحاث جديدة تبحث في إمكانية الاستفادة من الإستروجين أو آليات مشابهة له لتطوير علاجات موجهة لإبطاء شيخوخة القلب.


رصد شيخوخة القلب: أداة استباقية للوقاية

المشاركات ذات الصلة
1 من 4

رغم أن التقدم في العمر أمر لا مفر منه، فإن بعض العوامل – مثل ارتفاع ضغط الدم، السكري، التدخين، وتراكم الدهون الحشوية – قد تجعل قلب شخص في الخمسين يبدو وكأنه في السبعين.

من هنا، تبرز أهمية رصد العمر القلبي مبكراً:

  • يمنح الأطباء فرصة للتدخل الوقائي أو العلاجي.
  • يساعد في إبطاء التغيرات البيولوجية.
  • يقلل من خطر النوبات القلبية وفشل القلب.
  • يعزز وعي الأفراد بحالتهم الصحية الحقيقية.

معرفة “العمر القلبي” مقارنة بالعمر الزمني تشجع على تبني نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة، النشاط البدني، والفحوص الدورية.

اقرأ ايضا: الصين تنافس الولايات المتحدة بنجاح أول تجربة لزرع شريحة دماغية


نحو علاجات مستقبلية

يشير الباحثون إلى أن مؤشر كتلة الجسم ليس أداة دقيقة للتنبؤ بصحة القلب، لأن مكان تراكم الدهون هو العامل الأكثر تأثيراً.

وفي هذا السياق، يخطط الفريق البحثي لاختبار أدوية حديثة مثل مثبطات GLP-1 (ومنها دواء “أوزمبيك“)، ليس فقط لعلاج السمنة والسكري، بل أيضاً لتقليل تأثيرات شيخوخة القلب المرتبطة بالدهون الحشوية.


نصائح وقائية لتقليل الدهون الحشوية

حتى قبل التفكير في العلاجات الدوائية، تبقى الوسائل الطبيعية أكثر فعالية، وتشمل:

  • اتباع نظام غذائي صحي متوازن قليل السكريات والدهون المشبعة.
  • ممارسة النشاط البدني المنتظم مثل المشي أو التمارين الهوائية.
  • تجنب التدخين والكحول.
  • مراقبة ضغط الدم ومستويات السكر والكوليسترول.

الدراسة تؤكد أن الدهون الحشوية ليست مجرد مشكلة جمالية بل تهديد صامت لصحة القلب. فهي تسرع من عملية الشيخوخة القلبية وتزيد من خطر أمراض القلب والأوعية.

ومع أن التقدم في العمر أمر طبيعي، فإن التحكم في نمط الحياة، ومراقبة توزيع الدهون، واعتماد التدخلات الطبية الوقائية قد يمنح القلب عمراً أطول وصحة أفضل.

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. موافق اقرأ المزيد