جلد في حقنة ثورة طبية قد تغير مستقبل علاج الحروق وإعادة بناء الجلد

0 4

في خطوة علمية قد تمثل تحولًا جذريًا في علاج إصابات الجلد الشديدة، تمكن فريق بحثي من جامعة لينشوبينغ السويدية من تطوير تقنية مبتكرة أطلقوا عليها اسم “جلد في حقنة”، وهي مادة هلامية تحتوي على خلايا حية يمكن استخدامها لإعادة بناء الجلد التالف ومعالجة الحروق العميقة.
هذه التقنية المدهشة قد تمهد الطريق لعصر جديد في الطب التجديدي، حيث يمكن استعادة الجلد بكامل طبقاته ووظائفه الحيوية، وهو أمر كان من الصعب تحقيقه في السابق.


مشكلة الحروق التقليدية ونقص طبقة الأدمة

عادةً ما يواجه الأطباء تحديًا كبيرًا عند علاج الحروق، خاصة تلك التي تدمر كل طبقات الجلد. ففي أغلب عمليات زراعة الجلد التقليدية، يتم زرع الطبقة العليا فقط، والمعروفة باسم البشرة. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة تساعد على حماية الجرح من العدوى، إلا أنها غالبًا ما تؤدي إلى ندوب بارزة وخشنة، نتيجة غياب طبقة الأدمة العميقة، وهي طبقة أكثر تعقيدًا تحتوي على الأوعية الدموية، والأعصاب، وبصيلات الشعر، وتلعب دورًا أساسيًا في مرونة الجلد وحيويته.

غياب الأدمة لا يؤثر فقط على المظهر الجمالي للجلد، بل يحد من قدرته على القيام بوظائفه الحيوية، مما يترك المصابين بالحروق في مواجهة مشكلات طبية ونفسية طويلة الأمد.


سر الابتكار: من الخلايا الليفية إلى وحدات بناء الجلد

يدرك العلماء أن إنشاء طبقة الأدمة في المختبر مهمة معقدة للغاية، لأنها تتكون من أنواع متعددة من الخلايا والأنسجة المتشابكة. وللتغلب على هذه العقبة، ابتكر الباحثون في لينشوبينغ فكرة تقوم على زراعة ما يُعرف بـ الخلايا الليفية، وهي خلايا النسيج الضام التي يمكنها التحول إلى أنواع مختلفة من الخلايا بحسب حاجة الجسم.

قام الفريق بزراعة هذه الخلايا فوق كرات جيلاتينية دقيقة مصممة لتشبه كولاجين الجلد، وهو البروتين الأساسي الذي يمنح الجلد بنيته وقوته. ولضمان بقاء هذه الكرات في مكان الجرح، خلط العلماء المادة الجيلاتينية مع حمض الهيالورونيك، وهو مركب طبيعي يحافظ على رطوبة الجلد ويدعم التئامه.

من خلال تفاعل كيميائي مدروس، اندمجت المكونات لتشكل مادة متماسكة وسهلة الاستخدام أطلق عليها اسم “جلد في حقنة”.

إقرا أيضاً: طفرة علمية.. ابتكار دماغ مصغر يحاكي دماغ الجنين


التجارب على الحيوانات ونتائج واعدة

لم يكتف الفريق بابتكار المادة، بل قام باختبارها عمليًا. فقد استخدم الباحثون طابعة ثلاثية الأبعاد لطباعة ألواح صغيرة من هذا الجل الحيوي، ثم زرعوها تحت جلد الفئران في مناطق مصابة.

النتيجة كانت مشجعة للغاية:

المشاركات ذات الصلة
1 من 3
  • الخلايا المزروعة ظلت حية بعد عملية الزرع.
  • بدأت الخلايا في إنتاج مواد أساسية لتكوين طبقة أدمة جديدة.
  • تشكلت أوعية دموية حقيقية داخل الأنسجة المزروعة، وهي خطوة بالغة الأهمية لبقاء الجلد الجديد وحيويته.

هذه النتائج أثبتت أن التقنية لا توفر مجرد تغطية للجرح، بل تساعد في إعادة بناء الجلد بكامل طبقاته الحيوية.


أهمية الابتكار في الطب التجديدي

إذا أثبتت التقنية فعاليتها على البشر، فإنها قد تحدث ثورة في علاج إصابات الجلد، ليس فقط للحروق، بل أيضًا للجروح العميقة، والتقرحات الجلدية المزمنة، وحتى في جراحات التجميل وإعادة البناء.
الميزة الكبرى لـ”جلد في حقنة” أنه يمكن تخصيصه لكل مريض عبر أخذ خلايا منه هو شخصيًا، ما يقلل احتمالية رفض الجسم للأنسجة الجديدة.


التحديات المستقبلية

رغم النتائج المذهلة، يؤكد العلماء أن الطريق ما زال طويلًا قبل اعتماد هذه التقنية في المستشفيات.

هناك حاجة لإجراء تجارب سريرية على البشر للتأكد من سلامتها وفعاليتها.

يجب دراسة مدى تحمل الجلد الجديد للعوامل البيئية مثل الحرارة، البرودة، والرطوبة.

يجب تقييم سرعة التئام الجروح الكبيرة مقارنة بالطرق التقليدية.

ومع ذلك، فإن المؤشرات الحالية توحي بأن التقنية قد تكون متاحة طبيًا في السنوات القادمة، خاصة مع التقدم المستمر في مجالات الهندسة النسيجية والطب التجديدي.


خطوة نحو جلد اصطناعي مثالي

يُظهر هذا الابتكار السويدي أن المستقبل يحمل الكثير من الحلول الذكية لمشكلات طبية كانت تبدو مستعصية في الماضي. فإذا كان بالإمكان حقن الجلد الجديد مباشرة في موضع الإصابة، فإن ذلك سيختصر الوقت، ويقلل الألم، ويزيد من فرص الشفاء الكامل.
“جلد في حقنة” ليس مجرد مشروع بحثي، بل هو أمل جديد للملايين حول العالم ممن يعانون من آثار الحروق والجروح العميقة.

تعليقات
Loading...